أرسل لى د. عزت لوقا رسالة يشرح فيها معنى المواطنة الذى تساءلت عنه فى مقالة الأمس، وكيف سيتعلمها المواطن الفرنسى الذى اعتدى على ساركوزى، يقول د. عزت فى رسالته:

«رداً على مقالكم فى (المصرى اليوم) بتاريخ ٣ يوليو ٢٠١١ عن الحكم الفرنسى على المواطن الذى تهجم على الرئيس ساركوزى وأن الحكم نص على ٦ أشهر (مع إيقاف التنفيذ) ويومين للتدريب على المواطنة، أنا أقيم فى فرنسا منذ عام ١٩٧٥، وكنت أعمل أستاذا لمادة التحليل النفسى فى جامعة بوردو، والآن أنعم بالتقاعد فى وطن يحترم الإنسان إلى أقصى الحدود.

لكنى الآن فى مصر لزيارة بقايا الأهل والأصدقاء وبقايا الوطن ثم العودة إلى الوطن الجميل الذى أعيش فيه. أما عن الحكم القضائى فى تلك المسألة ففيه يراعى القاضى الفرنسى أن دخول ذلك المواطن السجن سوف يطيح بحياته وبمستقبله المهنى والاجتماعى، وأن التهمة، ورغم أنها محاولة اعتداء بدنى على الرئيس، لكن كان الدافع إليها هو اعتراض الرجل على التدخل الفرنسى فى ليبيا، إذاً هى مخالفة تدخل بعض الشىء تحت حرية التعبير، وإن كانت مبالغا فيها، لذا كان حكم القضاء هو السجن مع إيقاف التنفيذ.

أما عن المواطنة والتدريب عليها، فمن المؤكد أنه سيتم اصطحاب ذلك المواطن إلى عمودية مدينته للمشاركة فى اجتماع للمجلس المحلى أو الإقليمى، ومن الوارد جدا فى تلك المرحلة (الإعداد لانتخابات الرئاسة) أن تتم دعوته إلى قصر الرئاسه ومقابلة الرئيس لمدة ٢٠ دقيقة مثلا.

كل تلك السلوكيات الفرنسية، يا سيدى، نابع وبعمق من علمانية الدولة وسيادة القانون وتقاليد الجمهورية، ويجب ألا ننسى أن الأطفال فى سنوات الحضانة الأولى وفى أغلب مراحل التعليم قبل الجامعى يحصلون على دروس فى التربية الوطنية وحقوق المواطنة واحترام الدستور والإيمان المطلق بشعار فرنسا وهو «حرية.. مساواة.. إخاء» ويتعلمون ترديد النشيد الجمهورى الفرنسى الذى يشعرنى بعزة وكرامة تلك الأمة، أما من يشذ عن كل تلك القيم فهم أغلبية المهاجرين العرب والأفارقة الذين يعتبرون فرنسا عدوة لهم رغم استمرارهم فى العيش بها والتمتع بكل خيراتها الصحية والاجتماعية،

لذا نجد أن الكثير من الجرائم تأتى من هؤلاء الناس، ولا ننسى ما قام به العرب فى مباراة كرة قدم ودية بين فرنسا والجزائر، أثناء رئاسة الرئيس شيراك وإطلاقهم صفافير السخرية والاستهجان أثناء عزف السلام الجمهورى الفرنسى، مما حدا بالرئيس مغادرة الاستاد، يعنى تنطبق عليهم الأمثلة الشعبية المصرية «شحات وتقيل الدم» و«البيت بيت أبونا والغرب يطردونا»، لكنهم هكذا عرب فرنسا، وللأمانة فإن المصريين فى فرنسا يعملون فى صمت ولا يتدخلون فى شؤون المجتمع الفرنسى، ووجدنا بذلك شيئا يحسب لنا فى مكان ما فى العالم.

عن المواطنة وشجونها، يقول د. «لوقا» «لا توجد أى وثيقة رسمية فرنسيه تذكر ديانة صاحبها، ومجرد سؤال مواطن فرنسى عن ديانته أو عن أصله الإثنى يوجب محاكمة وتعويضا ماليا كبيرا للمتضرر من تلك النوعية من الأسئلة، وللدلالة على عظمة فرنسا أمثلة، منها اختيار ساركوزى وزيرة العدل من أصول جزائرية تماما والعديد من وكلاء الوزارات من أصول جزائرية ومغربية وأيضا اختيارى معيدا بالجامعة عند حصولى على درجة الدكتوراة عام ٨١. عندما بلغت سن التقاعد، استغرقت زيارتى للهيئة المختصة بتسوية المعاش ٢٠ دقيقة فقط لا غير مصحوبة بالابتسامات والجمال،

وكانت والدتى فى ضيافتنا (زوجتى الفرنسية وأنا) وجاءتها أزمة كلوية استلزم معها استئصال الكلى (عام ٨٢)، وتحمل التأمين كل مصاريف العملية ومصاريف منزل النقاهة، لأن التأمين الصحى اعتبرها تقيم معنا لمراعاة طفلنا البالغ من العمر حينذاك عاما واحدا. ما رأيك فى الشعوب الكافرة الماجنة المتبرجة تلك؟! المرأة فى فرنسا هى التى تدير الإدارة الفرنسية ومرافق الحكومة والمجالس المحلية والإقليمية. ورغم قيادة المرأة للدولة الفرنسية فلم نشعر بأن فرنسا تسير نحو الخراب كما يدعى بعض السادة.